الاثنين، 12 أغسطس 2019

مذكرات من يوم العيد

صباح العيد
6:45AM
رسالة اخرى من اخي الصغير " هووباا انه العيد.. لن تأتي اليوم؟ " ..
و أمي اتصلت بي عدة مرات
- صباح الخير
- أين أنت ؟ لم تأخرت
- أستعد للخروج، يما.. عيد سعيد
- لقد حضر الجميع، اسرع فلم يتبقى سواك
أرمي بالهاتف فوق السرير، ابحث في الخزانة عن قميص يلائم هذه المناسبة، أجد شيئا يفي بالغرض.
لم أدخل الشقة منذ اسبوع لذلك فهي متسخة.. علب النيسكافيه ملقاة في أرجاء الغرفة، الصحون تنتظر موعد استحمامها والزجاجات الفارغة تحتل مكانها فوق الطاولة، الصداع يقتلني... اشتقت الى مضاجعة سجارتي الصباحية واقحامها بين شفتاي، لا أتذكر آخر مرة دخنت فيها شيئا.. شهر !! شهرين !!! حقا لا أتذكر
قبل خروجي نحو منزل جدي حيث العائلة مجتمعة بكاملها، انظر نحو الثلاجة بحزن، اشعر بالتذمر فحتما جاري اللئيم ذاك سيملأ ثلاجته باللحم و ثلاجتي هنا منسية.. تبا كم أكرهه. أتجاهل كل الأشياء و أتجه نحو المنزل الآخر

9:00AM
أمام المنزل اضغط على الجرس، فتاة تفتح الباب، جميلة.. صديقة الطفولة، لم أقابلها منذ المرحلة الاعدادية، انا أكبر منها سنا لكنها تزوجت قبلي
- هذاا انت، عيد مبارك ايها الشقي (قبلتان)
تباا مجددا.. كلهم مجتمعون هنا، لست من النوع الذي يحب الثرثرة مع أعمامه حول السياسة و الأوضاع الاقتصادية القاتلة التي تمر منها البلاد ولا عن ماقاله الامام في خطبة العيد
تلمحني أمي من الداخل فتسرع نحوي وتتفقد وجهي الشاحب (اربع قبل)
قبلت وعانقت ما يقارب الثلاثون فردا، الكل يتشكى غيابي الطويل ومن رائحة الدجاج الملتصقة بي، أجلس معهم..
عجوز لا أتذكرها، تسأل من أكون فيخبرها جدي بأني حفيده، تصرخ في وجهي.. مر وقت طويل جدا أين كنت و كيف حال دراستك ان احتجت الى مساعدة فأخبر ابني وسينفذ كل طلباتك لا تخجل واطلب اي شيئ تريده أليس كذلك يا رشيد... اللعنة من هذه العجوز
فجأة أتحول الى موضوع لنقاشاتهم، يسترجعون الطرائف التي حدثت معي وأنا "بعلوك" صغير.. تصرخ العجوز مرة أخرى " هل تتذكر يوم سقطت في البركة وبدأت الضفادع بالقفز حولك وأنت تنفخ على الماء ليحملها بعيدا و عندما اطعمت فقيه الحي القمامة على العشاء" تطلق ضحكة ساخرة وتضرب كفا بكف، يقهقهون، تسيل دموعهم من شدة الضحك. أما انا فأبتسم، لا أعلم الى متى سأستطيع التحمل والتظاهر بالابتسام، أتجاهل الجميع وأهرب الى الشرفة لأدخن سيجارة، أتصفح مواقع التواصل الاجتماعي، وللاسف هذا المنزل حاله افضل من الحال على هذه المواقع.. اللاحمون يسخرون من النباتيين والمتدينون يسخرون من الملحدين وكلهم في "القادوسية" يسبحون..
أهرب مجددا الى الداخل، يا للروعة في عائلتي محللون وفلاسفة وانا لا أعلم، هذا يستحضر انجازات الحزب الاسلامي الحاكم والآخر يرفض الموضوع بالكامل ويحاول تركيز كلامه على اقناع الاسلامي أنه غير متحزب وينتقد الوضع كأي مواطن مغربي...   والكثير الكثير من النقاشات السخيفة...
على الاريكة ارجع رأسي الى الوراء، وأهرب هذه المرة بخيالي، الى عيون قطتي الشقية، الى رائحة جلدها الرطب ، الى شفاهها الحمراء، الى عناقها قبل الطوفان بلحظات، الى حياتي الرائعة والمريحة، الى عصيري المفضل بنكهة الخوخ وتبا لكل من يذكرني أنه مجرد عصير "غبرة" لعين، لا دخل لكم فيما أحب يا لقطاء...

9:40AM
- هاه !!! انت، بسرعة حضر السكين والأدوات الاخرى.. سنبدأ
هكذا تدخل والدي..

12:22PM
بعد الانتهاء اجلس في الحديقة، ادخن سيجارة أخرى متأملا أفراد العائلة وهم يعملون كخلية نحل منتظرا البولفاف مثل كلب متلهف لتقبيل قطعة لحم سيلقيها اليه سيده مكافئة على حسن تصرفه..
ثم لا عيد لكم ان لم يدعو ابراهيم ربه ان ينزل كبشا من السماء لكل فقير على هذه الارض

Popular Posts

كان هنا :